وقال السفيه مرةً أنه من شعب الله المختار
جاء لينصف الناس ويقّوم الأخلاق ويبعد القلوب عن ميل الهوى ويقيم ويستقيم به الدين
وما هو إلا الغي قد ترعرع فيه زمناً قد أنصف فيه صبر أيوب وأنصف صبرنا فيه حتى إذا
ملكنا غضب الأرض وأنكب وانسكب وانصلَّ فيه صليل الحميم في أسافل درك النار , فمن
هو ؟ .
و أجمل ما قد يجلدك به الاغتراب هو أن تكون وحلاً من مستنقع تحاول أن تقنع
الجميع بصلاحية مائه الراكد ناسفاً كل الفتاوى بتحريم صلاحه .
أصعب ما قد تواجهه هو أن تنصف عدواً فتتملك
تلك الثقة بالنفس لتقول كلمة الحق متداركاً كل الخلافات التي تدور وتدار بين [
الجني والعطبة ] , وما أجمل أن يُظهر الغباوة لك متعللاً بأحداث الماضي محاولاً شق
مجرى لتلك المياه الراكدة فيحصل على جريانها مستبيحاَ بذلك حرمتها واتساخها .
في الاغتراب ما أحقر على الناس أن يتحدثوا بلواء
الكرامة والشرف وهم أنجاس قد بلعوا وارتشقوا من كؤوس الذل والمهانة كؤوساً
وأقداحاً ما أنصفهم الغريب في أخلاقهم وهو بعقله وإذا استمال به كأس الخمر ذكر
الخفايا مستمتعاً بحلو الحديث وطول الوصف وكثرة الأحداث والمواقف .
أن يعيش الإنسان منصفاً لذاته طارداً من نفسه
كل أسباب النفاق والشقاق سيعيش الرغد كله , ولكن ما إن يحاول أن يصلح من حوله سيجد
أنه وقع في عباءة النفاق , تلك العباءة التي ستكون وصمة عار تلاحقه أينما حلَّ
وارتحل , أن يكون الإنسان مؤمن بأفعاله خيرها ومستقبحاً شرها و محاولاً تجاوزها
هذا ما يمكن أن يقال عنه الإنصاف للنفس .
في هذا الاغتراب العقلي والفكري الذي يحيط بي
من قبل رزمة يابسة وبضاعة فاسدة وتجارة كاسدة لم تستطع أن تنصف ذاتها في موقفٍ
واحدٍ يحسب لها خيراً فالذي يرتدي رداء النفاق لن يفلح بين أقوام تركوا الغير وانشغلوا
بأنفسهم فسرعان ما تظهر مساوئ العقل وركاكة الأخلاق وبطلان المعتقد فيعيش في جلباب
غباوته وحماقته .
للحديث بقية .